في ظل تغييرات المشهد في كبرى اقتصاديات العالم والعديد من التحديات التي تواجه اقتصاديات الدول الناشئة، أردنا مناقشة أهم الفرص والتحديات التي تواجه قطاع المال والاستثمار وآفاق استفادة السوق القطري من هذه الفرص، ولمناقشة ذلك استضفنا السيد/ محمد بن أحمد السويدي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة بيت الاستثمار
في ظل التغيرات الاقتصادية الكثيرة الحاصلة حول العالم، هل تغيرت استراتيجيتكم الاستثمارية؟ تعرضت البيئة الاستثمارية في الاقتصاد العالمي للعديد من التحديات والعوامل الضاغطة على اقتصاديات الدول مما أجبر العديد من الشركات الاستثمارية على تعديل استراتيجياتها الاستثمارية وفقاً للمتغيرات العالمية من موجة التشدد في السياسات النقدية ورفع أسعار الفوائد والعوامل الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة والمواد والسلع الأساسية، هذه المتغيرات جعلتنا نستمر في سياستنا المتحفظة في الاستثمار واستهداف القطاعات التي من المتوقع أن تستفيد من هذه العوامل، حيث استمرت الشركة في تركيز استثماراتها لصالح العملاء في قطاع النقل البحري والذي استفاد بشكلٍ كبير خلال فترة جائحة كورونا ومابعدها، الأمر الذي شهد مؤخراً تغير سياسة تعامل الصين مع الجائحة وتخليها عن سياسة صفر كوفيد التي انتهجتها خلال الفترة السابقة والتي من المتوقع أن تدعم نشاط قطاع النقل البحري في العالم وتزيد من الطلب على السلع والمواد الأساسية، وكما استمرت الشركة بتعزيز شراكاتها مع كبرى الشركات العقارية لمحاولة اقتناص الفرص الاستثمارية في القطاع العقاري والاستفادة من التقييمات المنخفضة لمجموعة من العقارات في الولايات المتحدة وأوروبا. وكذلك قامت الشركة بمراجعة مبكّرة لاستثماراتها حتى لا تتأثر بشكلٍ كبير بعوامل الأسواق المالية والتي شهدت مؤخراً انخفاض على المستوى المحلي والعالمي.
هل ارتفاع الودائع في البنوك أثر على نشاطكم الرئيسي في الاستثمار لصالح العملاء؟ بالتأكيد أن ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع البنكية وقيام العملاء بالمفاضلة بين الفرص الاستثمارية مقارنة بالودائع في البنوك شكّل عامل ضغط على أغلب الأسواق العالمية مثل أسواق الأسهم والسندات والصكوك الإسلامية وليس فقط عمل الشركات الاستثمارية والاستثمارات المهيكلة. ولكن مما ساعدنا في امتصاص صدمة التشدد الكبير في أسعار الفائدة من قِبَل البنوك المركزية العالمية وأعطى للشركة هامش مناورة جيد مقارنة بالفرص الاستثمارية المتاحة في السوق، أن سياسة تسعير المنتجات الاستثمارية شفافة وعادلة لدينا كما أننا نتعاون باستمرار مع شركائنا الاستراتيجيين بشكلٍ فعّال لمصلحة العملاء، هذا إلى جانب قيام بيت الاستثمار قَبل موجات التشدد النقدي ورفع أسعار الفوائد بمنح عملائها نسب استثمار جاذبة وعادلة مقارنة بالقطاعات التي تعمل فيها الشركة وفقاً لسياستها الاستثمارية.
في ظل ارتفاع أسعار الطاقة واستضافة دولة قطر لمونديال كأس العالم ٢٠٢٢، كيف ترون انعكاس ذلك على الاقتصاد المحلي وآفاق وفرص الاستثمار في دولة قطر؟ لقد كان عام 2022 عام استثنائي للاقتصاد القطري نتيجةً لمجموعة كبيرة من العوامل التي ساهمت بتحقيق أرقام إيجابية كبيرة للاقتصاد القطري والذي حقق نسب نمو ممتازة في القطاعين النفطي وغير النفطي وكذلك مستوى المالية العامة للدولة والفوائض التاريخية التي سجلها الاقتصاد القطري والتي بلغت 89 مليار ريال قطري خلال العام 2022، مما انعكس على تأكيد وكالات التصنيف العالمية للتصنيف الائتماني القطري القوي والذي يعتمد على أركان اقتصاد كلي متين حقق استفادة كبيرة من ارتفاع أسعار الطاقة واستضافة المونديال. وبكل تأكيد فإننا في شركة بيت الاستثمار نسعى للاستفادة من فرص الاستثمار وبيئة الاستثمار الجاذبة وخاصة تبوّء دولة قطر مرتبة متقدمة كأفضل وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم، وعلى سبيل المثال فقد سجلت التدفقات النقدية الأجنبية في البورصة القطرية مستوى قياسي خلال عام 2022 عند 15.9 مليار ريال قطري وماهذا إلا دلالة على جاذبية البيئة الاستثمارية القطرية والتي عززها العديد من قوانين الاستثمار الجاذبة، إضافةً إلى وجود العديد من القطاعات الواعدة مثل تكنولوجيا الخدمات المالية والبرمجيات والأمن السيبراني .
ماهي القطاعات التي تستهدفونها خلال الفترة القادمة؟ على ضوء ما ذكرناه فهناك العديد من القطاعات الواعدة والتي يمكن في المستقبل توجيه الاستثمار فيها بما يتناسب مع رؤية قطر 2030 والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بكافة المجالات ومن أهمها قطاع السياحة والضيافة والتي تسعى دولة قطر أن يشكّل هذا القطاع ما نسبته 12 % من الناتج المحلي بحلول 2030. وبناءً على ذلك فإننا في شركة بيت الاستثمار نسعى لتطوير استراتيجيتنا الاستثمارية بما يتوافق مع توجهات الدولة والقطاعات المستهدفة لتطوير وتنويع الاقتصاد القطري مثل تكنولوجيا الخدمات المالية والأمن السيبراني اللذين قد شهدا تطوراً كبيراً خلال الفترة الماضية والمتوقع أن تصل نسبة النمو فيه إلى مستويات 12% خلال عام 2026، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تعزيز قوة القطاع المالي والذي يعد من أهم ركائز قوة الاقتصاد القطري، ولذلك قامت دولة قطر مبكّراً بتشريع قوانين حماية المعلومات والبيانات وتوج ذلك بإصدار قرار رقم 1 للعام 2021 بإنشاء الوكالة الوطنية للأمن السيبراني في قطر.
• لقد ذكرت قطاع التكنولوجيا المالية والذي يعد من القطاعات التي تستهدفها الشركة وما شكله من تطور في قطر خلال الفترة الماضية، برأيك ما هي أبرز التحديات التي تواجه قطاع فنتك (Fintech) في دولة قطر؟ يعد الأمن السيبراني وحماية المعلومات وعمليات الاحتيال الالكتروني أحد أهم التحديات التي تواجه قطاع التكنولوجيا المالية وخصوصاً حماية البيانات، وتعليقاً على هذا الموضوع فقد وصلت للشركة خلال الفترة الماضية استفسارات من قِبَل بعض الأفراد عن مكالمات مشبوهة بهدف الاحتيال الالكتروني من خلال تسويق خدمات الاستثمار في المحافظ الاستثمارية عن طريق الهاتف، ومن هذا المنطلق فإننا نؤكد على أن شركة بيت الاستثمار لا تسوق أي خدمات أو منتجات استثمارية عن طريق الهاتف أو الانترنت ولا تقدّم منصات تداول خاصة بها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وعليه نؤكد مرة أخرى أن شركة بيت الاستثمار تقدم خدماتها فقط من خلال زيارة العملاء لموقع ومكاتب الشركة.
تعليقاً على ذلك ماهي أهم النصائح التي تقدمها للمهتمين بالاستثمار؟ أنصح العملاء والمهتمين بالاستثمار بالتعامل مع شركات الاستثمار والبنوك المحلية المرخصة من قِبَل الجهات الرقابية المحلية والتي تنظم عمل شركات الاستثمار داخل دولة قطر، كما إنني أنوّه على ضرورة التحقق من التراخيص اللازمة وزيارة الشركات الاستثمارية والبنوك في مواقعها، هذا إلى جانب أهمية قيام المستثمرين بإجراءات العناية الواجبة للتأكد من موثوقية تلك الجهات الذين يستثمرون أموالهم معها، وما إذا كانت تلك الجهات تحمل التراخيص اللازمة لإدارة الأموال والاستثمار لصالح الغير، إضافة إلى ضرورة قراءة الشروط والأحكام الخاصة بكل استثمار ومعرفة درجة المخاطرة وطبيعة الفرص الاستثمارية المطروحة.